ياااه000ياله من يوم متعب00يوم استثنائي بحق منذ الدقائق الأولى له0منذ أن ابتدأت الماراثون اليومي الممل0عملي في مشفى مدينتنا يحتم علي رؤية كل شيء 0كل الحقائق والأشياء التي تحتاجها تجدها طبقا" ساخنا" يقدم أليك كل يوم00 النماذج الإنسانية المختلفة00مرضى مسنين يعانون الأمراض المزمنة التي يبدو إنها قد أصبحت ضريبة الشباب والأيام الخوالي, أناس يبدو أنهم مذ خلقوا وجدوا أنفسهم معلقين على صليب الآلام في قداس الحياة الدموي,عيون تتغامز لنساء يبعثن فيك دفء قدح من الشاي في هذا الشتاء الزمهريري وعيون تصطاد الحركات تذكرني بعيون استخباراتية طالما ألفناها لحقبة أشابت نصف الكم ألزغبي فوق رؤوسنا وهاهي الحقبة التالية تكمل النسيج العبثي , دماء, أشلاء, قيح,بساطيل جنود الاحتلال المرعبة مع وصلة موسيقية متوالية من رشقات أصبحت وردا"يوميا"يردده المتعبدون بالسلاح كل يوم من أيامنا الخوالد,تفا هات, أراء غبية, شعارات وسخة,و,و,و,و,و,و,00 ماالذي يعنيني الآن بخزيني اليومي المزعج مايهمني الآن أن استلقي على اقرب أريكة أجدها في بيتنا القديم لأنزع هذا الكلل الوحشي عن جسدي بعد أن أزيح عني ملابسي العبقة برائحة المطر والخوف والذكريات00احس ألان بان يداي وقدماي تريد أن تهرب مني لشدة التعب ولوهلة أتخيل الموقف0 كيف أن أعضائي تهرب مني وإنا ألاحقها متعثرا" لفقد توازني0 اضحك بشكل جنوني 00يالها من خيالات عجيبة هذه الخيالات المضحكة التي بدأت ترافقني منذ أكثر من ثلاثة أعوام 00 ويا لهذا الضحك الهستيري الذي صار ملازما لشخصيتي 00اضحك في كل المواقف وفي كل الظروف مبتعدا"بضحكي عن جدية المواقف رغم أن ظاهري الضاحك لايتوافق وداخلي الحزين الذي يكتسي بالمرارة والذي لااظهره إلا في خلوتي أو في بعض الظروف العاصفة00في بعض الأحيان ألوم نفسي على ضحكي فما نحن فيه اكبر بكائية عرفها التاريخ 0 وأحيانا" اشد على يد نفسي وأقول لابد من الضحك فحياتنا أضحت مسرحية هزلية0انا ألان تحت دثاري00 نعم لقد بدأ الدفء يتسرب إلى جسدي شيئا" فشيئا" ككف أنثى حنون وألان يجب أن اخلد إلى النوم لأمنح نفسي قسطا" من الراحة بعد هذا اليوم المتعب00ولكن ماهذا00نبضات قلبي00صحيح إنها تدق بشكل منتظم وروتيني ولكن صوتها يزداد علوا" في أذني وكأنه يأتي من خلال سماعة طبية أومن خلال هيدفون كالذي يستخدم في أجهزة التسجيل0 الصوت يزداد علوا"كلما ركزت فيه اكثر00 ماالذي يهمني00يبدو إنها مخلفات التعب00صحيح انه يزداد علوا" لكني أحس رغم التعب بأني بكامل صحتي ولا أحس بأي خلل 00ولكن الصوت يعلو 00نعم00 أحس ألان بشيء ما في جسدي 00 أصبحت ألان كبطارية تفقد طاقتها فتضعف شيئا"فشيئا" والصوت يعلو00 ماهذه النبضات المرعبة التي بدأت تنهش في طبلة أذني أتذكر ألان بيتا سمعته قديما"يقول: دقات قلب المرء قائلة له 0000ان الحياة دقائق وثوانيماذا00! الموت00 لم يخطر هذا على بالي من قبل 00 هل هو الموت؟ ولماذا لا0؟ اليس القلب مؤشر استمرارية الحياة كما يقولون؟ هل يعقل أن ساعتي قد حانت الان0؟ كلا00 لأصرف هذه الفكرة عن بالي الان00 ولكن هاهو الصوت00 صوت النبضات في وتيرة ارتفاع مستمر رغم انتظامه0 تجول ألان في خاطري صور متعددة 00صور من الطفولة , لعبي في شارعنا الطيني الضيق مع بنت الجيران ذات الوجه الطاهرواحاسيسي الغريرة والغريبة تجاهها , رائحة الخبز المختلطة برائحة الدخان المنبعثة من الأفران الطينية في بيوتنا الشبيهة بعلب السردين المتلاصقة, رائحة النهر , وبيوت الطين التي نبنيها على أجرافه فتغدو حلما مؤقتا يأخذه بمده المجنون, أجسادنا النحيلة ونحن أطفال نعانق النهر سباحة" فتأخذنا الدوامة الجميلة في غيابة النهر, ثوبي الأبيض وطاقيتي النقية التي كنت احتفل بها وانأ أسعى إلى المسجد تغمرني براءة الشعور بالقرب من الرب ووجه ذلك الرجل الصالح الملائكي الذي مازال يستنفر فيَِِِ كل زوايا القرب من الله فأتيه متعبدا" في سمة وجهه النوراني رغم المزيج المنصهر في عقلي من الفلسفات والايدولوجيات والأفكار المتراكمة عبر السنين 0الصوت مازال يعلو لقد أصبح ألان كصوت أجراس كنائسية يتردد صداها في اذني00يالسخرية الاقدار00اجراس تقرع وانأ مصلوب على صليبي السريري 00ماهذه الترهات0لاتخلص من هذه الأفكار الجنونية00لكن شريط الذكريات مازال يتواصل في ذهني 00 صور لنشأتي المتقلبة00 الشجون والعواطف,خوفنا القاتل ونحن صبية من الامتحانات وانتظارنا المميت لنتائجها , بوادر نضوجي واسخن عقوبة أتلقاها من والدي بعد أن اكتشف باني بدأت التدخين سرا00 مشهد مضحك00كيف أني اقفز كالقرد هاربا" وهو يحاول أن يصطادني بسوطه المكون من خرطوم ماء عتيق00 يالهذا الضحك الجنوني الهستيري00مازالت عدوى الضحك مسيطرة علي حتى في أحلك الظروف 00 ويالخزيني الباطن المنفجر في هذه اللحظة من الذكريات 00 ذكرى لسنين من الجوع والخوف والظلم والحرمان00حقبة من الشعارات المستهلكة والاهانات اليومية00حقبة من التسبيح اليومي للإله المعبود على الكرسي المبجل 00 اللعنة على هذا الكرسي الذي كان سبب شقائنا 00 ويالها من أيام عظيمة00حقا" إنها عظيمة00كيف لا ونتائجها ألان (عظمة على عظمة)00!؟ تتجسد أمام عيني ألان صورة ذلك العريف الذي جمعتني الصدفة العظيمة به في إحدى المعسكرات أثناء تأديتي للخدمة العسكرية بجسده النحيل كنموذج الهيكل العظمي الذي رأيناه في فترة دراستنا بقيافته المنمقة الكاذبة كزي حفلة تنكرية وصوته الأسطوري وهو يزعق كالغراب و يمرغ بنا أرصفة المعسكر00 تحيا الطبقة الراقية(دبلوم, بكالوريوس, ماجستير) وهي تنظف أرضية المعسكر بأجسادها يقودها شاب لم يكمل الدراسة الابتدائية؟! كانت فترة مليئة بالجنون00 حتى في تلك اللحظة كنت أرى وجه تلك المرأة الملائكي على مرءاة الإسفلت الذي يعانق صدورنا00 يالوجهها الطفو لي الجميل ويا لتلك العينان المغرورقتان باللآليء الدمعية00يالهذه البراءة المرتسمة على وجهها المشرق00كم أحببت تلك المرأة00كم همت بها 00 كم سطرت في سفرها أروع ماخطته أناملي من خزين طالما ظل ينزف كجرحي الابدي0ااه لولا الظروف القاهرة 00لقد ذهبت00 لماذا يا اله الحب والعواطف والخبز00 لماذا كل الأشياء الجميلة تقبر في ارض اللاعودة00 لماذا تذبل زهرة النقاء في نفوسنا دائما" 00لماذا00 لماذا؟ ماهذه الوساوس00؟ هل أنا محموم؟ هل هو هذيان الموت؟ ماالذي ذكرني الآن بالأيام الخوالي 0 يالهذا الصوت 00 يالهذه النبضات00لقد أصبحت الآن كصوت مطارق حديدية وهي تكسر الصخر الصلد والصوت يقتات من راسي0 والصور تتدفق بسرعة00صور همرات الاحتلال القادمة بالخراب كفيلة مسرعة, صور الاشجار وهي تموت,الأشخاص الذين فقدناهم واحدا" تلو الأخر, الجثث المجهولة, الطلقات, الانفجارات, الأكاذيب, الأقاويل , الخراب,كل شيء يتدفق الآن إلى ذاكرتي بسرعة حتى أن راسي يكاد يطفح من الصور المتراكمة00حتى وجه تلك المرأة الساخنة00يالها من امرأة00تلك المرأة التي فتحت لي باب الخطيئة وأدخلتني في عالم الجرأة فبدأت أتلوث شيئا" فشيئا" لأغرق في بحور الشهوة المجنونة لأفقد طمأنينة النقاء00 اغفر لي ياالهي أنا لااستغفرك الآن لأني قريب من الموت فأنت تعلم أني طالما كنت أأوب أليك نادما" لكني كنت ضعيف والأيام تحاصرني 0 أتطلع إلى وجه أبي المستلقي على بعد خطوات مني 0هذا الشيخ الذي مازال شابا إلى ألان في نظري وهو يستلقي كعادته مابين النوم والصحو مغمض العينين يستمع إلى صوت المذياع الذي يأبى أن يفارق ذكراه رغم كل مغريات التطور التي دخلت بيتنا0أذكر الآن كيف انحنى أبي بقامته المهيبة وهو يستعطف ذلك الجندي الأجنبي المسخ الذي أصر أن يعتقلني بلا تهمة وهو يردد عبارات وسخة كخنزير مضطرب 0 اذكر كيف ارتعشت يداه التي طالما سابقته إلى عمل الخير وهو يمدها إلى تلك اليد القاتلة وكيف خاطب لسانه المرتجف الذي اترع من قراءة القران والذكر لسان الوسخ القادم من خلف المحيطات وكيف خانته قدماه التي طالما سعى بها إلى بيوت الله أمام قدم هذا المتعجرف الثابتة للاءسف 00 سامحني ياابي لأني وضعتك في هذا الموقف المؤلم00كل جيلنا المهزوم يجب أن يطلب السماح من جيلكم ياابتي لعظم النكسة التي نحن فيها00 ماهذا؟ الدموع تتساقط من عيني!ماالذي أنا فيه يجب أن اتماسك00 يجب أن لااكون ضعيفا" يجب أن أقابل الموت بروح صلبة00ياالهي الصوت يعلو00 احتاج إلى أي شي نقي 00 احتاج وجه الرجل الصالح00احتاج إلى امي00 امي00ااه يااماه يالصوتك الحنون00 يالنقائك العجيب00 لاابالغ إن قلت انك أنقى امرأة عرفتها في حياتي 00 لم يلوث قلبها الأبيض ماعانته من إجحاف السنين لها00لم تحمل سريرتها البيضاء نكثه سوداء طوال سنوات عمرها الهادئة كهدوئها العجيب00 احتاج اليك00احتاج إليك بشدة00يارب إن لي أمنية أخيرة قبل أن اموت00 أتمنى أن تمس جبهتي يد امي00 أن تطوف بيديها على جسدي المرتعش هذه اللحظة المجنونة00 أن تربت على ظهري وتولول بلحن حزين كما كانت تفعل كي أنام وأنا صغير فزرعت أغانيها الحزينة البكاء فيَ إلى الآن كما انبت حليبها الطاهر النقاء في كما اظن0هاهي أمي تتحرك00 يارب00 هل ستتحقق امنيتي00؟ كم أنت كريم عطوف يارب00هاهي تقترب مني! تقترب مني أكثر ويدها تمتد إلي ! نعم00 إنها تمتد باتجاهي! لأغمض عيني كعادتي عندما أواجه اللحظات الحاسمة والمفاجئة0 أحس موجة من دفء تقترب مني أكثر فأكثر00ماهذا00!! هل حقا" ماحصل!! الصوت! لقد انقطع! لم اعد اسمع ذاك الصوت1 هل انتهت حياتي! ولكن هاأنا ذا أتنفس , أفكر ( إذا" أنا موجود) ليس بي من ضرر0 لأفتح عيني00 أين امي00 ماالذي تحمله بيدها0؟ إنها الساعة 00 الساعة اللعينة00 لقد كان ذاك الصوت صوت حركة عقاربها المجنونة 00 ها ها ها ها00 الآن حقا" يجب أن اضحك واضحك بشدة 00يالهذه الخيالات السخيفة 00ويالهذه الحياة التافهة المتعلقة بالثواني0عبد الكريم ناطق الحديثي
12\12\2007